الخميس، ٨ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

البرلمان

البرلمان


تنظيم البرلمان
يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه.
ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات؛ وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس.
ويبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم وشروط القابلية للانتخاب وأحوال التنافي ونظام المنازعات الانتخابية.
وينتخب رئيس مجلس النواب أولا في مستهل الفترة النيابية ثم في دورة أبريل للسنة الثالثة من هذه الفترة، وذلك لما تبقى منها.
وينتخب أعضاء مكتب المجلس لمدة سنة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.
يتكون ثلاثة أخماس مجلس المستشارين من أعضاء تنتخبهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية، ويتكون خمساه الباقيان من أعضاء تنتخبهم أيضا في كل جهة هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة تتألف من ممثلي المأجورين.
ينتخب أعضاء مجلس المستشارين لمدة تسع سنوات، ويتجدد ثلث المجلس كل ثلاث سنوات، وتعين بالقرعة المقاعد التي تكون محل التجديدين الأول والثاني، ويحدد بقانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس المستشارين ونظام انتخابهم وعدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختلف جهات المملكة وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وطريقة إجراء القرعة المشار إليها أعلاه وتنظيم المنازعات الانتخابية.
ينتخب رئيس مجلس المستشارين وأعضاء مكتبه في مستهل دورة أكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس، ويكون انتخاب أعضاء المكتب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.
عند تنصيب مجلس المستشارين لأول مرة أو بعد حل المجلس الذي سبقه ينتخب رئيسه وأعضاء مكتبه في أول دورة تلي انتخاب المجلس ثم يجدد انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب في مستهل دورة أكتوبر عند تجديد ثلث المجلس.
لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.
ولا يمكن في أثناء دورات البرلمان متابعة أي عضو من أعضائه ولا إلقاء القبض عليه من أجل جناية أو جنحة غير ما سبقت الإشارة إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل إلا بإذن من المجلس الذي ينتمي إليه ما لم يكن العضو في حالة تلبس بالجريمة.
ولا يمكن خارج مدة دورات البرلمان إلقاء القبض على أي عضو من أعضائه إلا بإذن من مكتب المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.
يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.
يعقد البرلمان جلساته في أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.
إذا استمرت جلسات البرلمان ثلاثة أشهر على الأقل في كل دورة جاز ختم الدورة بمقتضى مرسوم.
يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية إما بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء أحد المجلسين وإما بمرسوم.
تعقد دورة البرلمان الاستثنائية على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في المسائل التي يتضمنها جدول الأعمال تختم الدورة بمرسوم.
للوزراء أن يحضروا جلسات كلا المجلسين واجتماعات لجانهما؛ ويمكنهم أن يستعينوا بمندوبين يعينونهم لهذا الغرض.
علاوة على اللجان الدائمة المشار إليها في الفقرة السابقة يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة وإطلاع المجلس الذي شكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.
لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها.
يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق.
جلسات مجلسي البرلمان عمومية، وينشر محضر المناقشات برمته بالجريدة الرسمية.
ولكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية بطلب من الوزير الأول أو بطلب من ثلث أعضائه.
يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام هذا الدستور.
سلط البرلمان
يصدر القانون عن البرلمان بالتصويت.
وللقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي يحدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما.
يختص القانون بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين الآتية :
-الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور؛
-تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية وإحداث أصناف جديدة من المحاكم؛
-النظام الأساسي للقضاة؛
-النظام الأساسي للوظيفة العمومية؛
-الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين؛
-النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية؛
-نظام الالتزامات المدنية والتجارية؛
-إحداث المؤسسات العمومية؛
-تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
للبرلمان صلاحية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في المبادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إن المواد الأخرى التي لا يشملها اختصاص القانون يختص بها المجال التنظيمي.
النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها بمرسوم بعد موافقة المجلس الدستوري إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها.
يمكن الإعلان عن حالة الحصار لمدة ثلاثين يوما بمقتضى ظهير شريف، ولا يمكن تمديد أجل الثلاثين يوما إلا بالقانون.
يصدر قانون المالية عن البرلمان بالتصويت طبق شروط ينص عليها قانون تنظيمي.
يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها إنجاز مخطط التنمية، وذلك عندما يوافق على المخطط، ويستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طوال مدة المخطط، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير البرنامج الموافق عليه كما ذكر.
إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو صدور الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المجلس الدستوري تطبيقا للفصل 81، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة بقصد الموافقة.
ويسترسل العمل في هذه الحالة باستخلاص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية عليها باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية، أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح.
إن المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود.

التسميات:

إشكالية وجود الغير

إشكالية وجود الغير

عرف سارتر الغير: بأنه "الأخر، الأنا الذي ليس أنا " أي ذلك الوعي وتلك الذات المباينة، المنفصلة عن ذاتي ووعيي؟ كيف يمكن لذاتي أن تذرك وجود الذوات الأخرى؟ هل يمكن والحالة هذه إثبات وجود مثل هذه الذات (المفكرة حتما) بواسطة الأسلوب الديكارتي الشهير مثلا؟ ماعلاقة وجوده بوجودي؟ هل يرتبط ويتوفق وعيي بوجودي على وعيي بوجود الغير أم ينفصل ويستغني عنه؟
ليست علاقتنا بالغير مجرد علاقة معرفية، بل هي علاقة مركبة: عاطفية، وجدانية، إقتصادية، سياسية... ولذلك لايمكن فهمها في المجرد والمطلق بل بالتخصيص والتمييز: إذ يختلف تناول إشكالية وجود الغير وعلاقته بالأنا أو معرفته أو أشكال التواصل معه أو إمكانية إحترامه أو نبذه... حسبما إذا كان هذا الغير صديقا أو غريبا مثلا.
من بين كل الأغيار، يمثل الصديق نموذجا لكل القيم الإيجابية، فلا عجب أن تكون لفظة الصداقة - في اللغة العربية- مشتقة من الصدق الذي يعني الحقيقة والقوة والكمال. بل لقد ذهب القديس أوغسطين إلى "أننا لانعرف أحدا إلا بواسطة الصداقة"، ذلك أنه مادام التواصل سبيلا للمعرفة بما يخلقه من مجال بينذاتي مشترك، فإن هذا المجال يبلغ أقصى درجات إتساعه في علاقة الصداقة. وإذا كانت كل علاقة للأنا بالغير هي – بطريقة ما- نشدان الإعتراف، فلربما كانت الصداقة من الأنماط العلائقية القليلة التي يمنح فيها هذا الإعتراف بشكل سلمي بإعتبارها علاقة ود وحب خالصين بعيدا عن كل نزوع نحو امتلاك المحبوب والإستحواذ عليه كملكية خاصة. ولعل مايميز الصداقة حسب كانط هو جمعها بين مطلبين يصعب الجمع بينهما: الحب بما يعنيه من إقتراب وتماه والإحترام بما يعنيه من إبتعاد وتقدير.
ولكن أي نوع من الصداقة هذا الذي يحقق هذه الشروط؟ فالصداقة ثلاث أنواع حسب أرسطو: صداقة المتعة حيث الجامع شيء أو موضوع للمتعة المشتركة؛ صداقة المنفعة حيث الرابط هو المنفعة المتبادلة ثم الصداقة الحقيقية: صداقة الفضيلة التي تقوم على حب الخير لذاته وللأصدقاء، دون أن تلغي إمكانية حضور المتعة والفائدة كنتيجتين لاكغايتين. وقد ذهب أرسطو إلى حد القول بأن الصديق الجدير بهذا الإسم هو ذاك الذي إن خاطبته كدت تقول : " ياأنا " من حيث أنه " إنسان هو أنت، لكنه بالشخص غيرك". وبعبارة أخرى، فإننا نعثر في الصديق على ذاتنا لما بيننا من تشابه وتطابق. لكن هل نحن فعلا نصادق الصديق لأنه شبيهنا كما ذهب إلى ذلك ايضا أنبادوقليد؟ اما لأنه ضدنا ونقيضنا كما ذهب إلى ذلك هرقليط؟.
لقد فحص أفلاطون في محاورة ليزيس كلا الإحتمالين واستبعدهما و انتهى إلى أن الصداقة علاقة محبة و ميل ورغبة متبادلة بين الغير و الأنا أساسها حالة وجودية وسط بين الكمال المطلق (الخير الأقصى)و النقص المطلق (الشر الأقصى)، لأن الخير مكتف بذاته مستغن بكماله عن غيره، و من يتصف بالشر و النقص المطلقين لايجد في نفسه الرغبة ولا الحاجة بل و لا يجد القدرة على إدراك الخير والكمال وطلبهما. إذن فأساس الصداقة هو إنطواء كل كائن على مبدإ نقص و عدم كفاية. لكن علينا بالمقابل أن نستحضر على الدوام أن الصديق يظل غيرا مهما بلغة درجة التطابق و التماهي أي يظل دوما غير قابل جزئيا إلى أن يرد أو يختزل إلى الأنا وكل محاولة لفهمه تترك دوما بقية من عدم الفهم مما يجعل الصداقة تفاهما و وفاقا مستمرين غير محدودين. إنها "الغيرية الجذرية" بتعبير "غيوم و بودريار" . ذلك إذن هو الغير عندما يتخذ وجه الصديق. فلنر الآن وجها آخر على الطرف النقيض وهو
الغريب. إذا كان الصديق عنوانا للثقة و المعرفة و الإقتراب و الإحترام فإن الغير يبدو للوهلة الأولى عنوانا للحذر، للمجهول، للنكرة، للإبتعاد والإقصاء. لكن من هو الغريب تحديدا؟ إنه مفهوم زئبقي لأنه يتحدد دوما كغريب بالنسبة لجماعة مرجعية ما؛ إنه ذلك الذي لا يشاطر أعضاء الجماعة مرجعيتهم المشتركة، ذلك الذي يجر خلفه ثقافة مغايرة مجهولة، إنه الدخيل بكل بساطة، وباعتباره كذلك فقد نظر إليه عبر التاريخ كمسؤول عن كل شرور المدينة أو الجماعة والذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة. إن هذا الموقف الإقصائي حاضر بقوة في كل مكان بدءا من ساكن المدينة الذي يعتبر نفسه "مدينيا" أصيلا محملا جميع مشاكل المدينة إلى هؤلاء الغرباء "البدو" القادمين من البعيد، وصولا إلى الخطابات السياسية القائمة على كراهية الأجنبي المهاجر و ضرورة طرده كحل للأزمات ... . لماذا و هل ينبغي أن يكون الغريب دائما إسما مستعارا للحقد و الإقصاء؟
تقوم سيكولوجية الجماعة على تطابق الأنا أو الذوات الفردية مع النحن/الجماعة انطلاقا من آليات معقدة للتنشئة الإجتماعية، مع اعتقاد راسخ في الطابع الخالص لهوية الجماعة و ثقافتها. مما يسهل على أفراد الجماعة التعرف على بعضهم و استبعاد كل غريب و آخر، وهنا تتساءل الفرنسية ذات الأصل البلغاري "جوليا كريستيفا": ألا تحمل كل جماعة غريبها في ذاتها قبل قدوم الغريب الأجنبي؟ و ذلك عندما يشعر أفرادها بالرغبة في التمرد على روابط و قيم جماعتهم ووضعها موضع تساؤل و تشكك أو عندما لايستطيعون العثور على "أناهم" من خلال "نحن" الجماعة. وهل هناك جماعة ذات هوية خالصة تبرر استبعاد العناصر الأجنبية عنها؟ ما الهوية المغربية مثلا؟ أليست مزيجا من هويات أمازيغية ،افريقية، عربية، إسلامية، اندلسية، غربية...واللائحة طويلة. إذا فالغريب أو الآخر ليس سوى ذلك الجزء أو القوة الخفية لهويتنا التى نحاول انكارها باستمرار بحثا عن نقاء خالص موهوم. ثم ألا تحمل الذات الفردية بدورها غريبها في ذاتها متمثلا في ذلك الجزء المجهول – اللاشعور – الذي لايكاد الأنا يعلمه أو يعيه.

التسميات: