الجمعة، ٢ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا

علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا
علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا هو علم يهتم بكل أصناف وأعراق البشر في جميع الأوقات، وبكل الأبعاد الإنسانية. فالميزة الأساسية التي تميز علم الإنسان بين كافة المجالات الإنسانية الأخرى هو تأكيده على المقارنات الثقافية بين كافة الثقافات. هذا التميز الذي يعتبر أهم خاصيات لعلم الإنسان، يصبح شيئا فشيئا موضوعَ الخلافِ والنِقاش، عند تطبيق الطرقِ الأنثروبولوجية عموماً في دراسات المجتمعِ أو المجموعات. من أهم علماء الانثروبولوجيا ، ايفانس بريتشارد ورادكلف براون وليفي شتراوس وروث بندكت وماكريت ميد وغيرهم.
في الولايات المتحدة الامريكية، يقسم علم الإنسان بشكل تقليدي إلى أربعة حقول:
علم الإنسان الحيوي: يتطرق هذا الفرع إلى تحليل تنوع جسم الإنسان في الماضي والحاضر على حد السواء. وبالتالي فهو يدرس التطور الجسماني للإنسان بالإضافة إلى العلاقات بين الشعوب الحالية وتأقلمها مع محيطها. تطرّق هذا العلم في بعض الأحيان إلي دراسة تطور الرئيسيات وكان يسمى علم الإنسان الطبيعي مع وجود اختلافات في المفاهيم.
علم الإنسان الطبيعي physical anthropology ، الذي يدرس الرئيسيات primatology ، و تطور النوع البشري human evolution، وعلم الوراثة الجماعي population genetics ؛ هذا الحقلِ يدعى أيضاً أحياناً علم الإنسان الحيوي biological anthropology .
علم الإنسان الثقافي cultural anthropology ، (و يدعى علم الإنسان الإجتماعي social anthropology في المملكة المتحدة والآن في أغلب الأحيان يعرف بعلم الإنسان الثقافي-الإجتماعي socio-cultural anthropology ). المجالات التي درست من قبل علماء الإنسانيات الثقافيين تتضمن شبكة العلاقات الإجتماعية، الإنتشار البشري diffusion ، السلوك الاجتماعي، القرابات الاجتماعية ، القانون، السياسة، العقيدة ideology ، الدين، الإعتقادات، الأنماط في الإنتاجِ والإستهلاك، التبادل، التربية، الجنس الاجتماعي gender ، وممارسات الشعوب الأخرى في الثقافةِ، مع التأكيد القويِ على أهمية العمل الميداني، وبمعنى آخر: المعيشة بين المجموعةِ الإجتماعيةِ التي تُدْرَسَ لفترة زمنية طويلة.
علم الإنسان اللغوي linguistic anthropology ، الذي يدرس الإختلاف في اللغة عبر الوقت والمكانِ، الإستعمالات الإجتماعية للغة، والعلاقة بين اللغة والثقافة.
علم الآثار archaeology ، الذي يدرس البقايا المادية للإنسانِ في المجتمعات. علم الآثار يعتَبر علما بحد ذاته يَفصل كحقل دراسة مستقل، بالرغم من أنه وثيق الصلة مع الحقلِ الأنثروبولوجي من حيث دراسة الثقافة المادية material culture ، التي تَتعامل مع الأجسامِ الطبيعية التي خَلقت أَو إستعملت ضمن مجموعة حية راهنة أَو ماضية كمحاولة لفهم قيمها الثقافية.
مؤخراً ،بدأت بعض برامجِ علم الأنسان بتقسيم الحقل إلى إثنان، اتجاه واحد يؤكد على العلوم الإنسانية humanities و النظرية النقدية critical theory ، الآخر يؤكد على العلوم الطبيعية و العلوم التجريبية empiricism.
تاريخ علم الإنسان
ميز عالم الإنسانيات إيريك ولف علم الإنسان على انه الأكثر علمية من بين جميع العلوم الانسانية، والأكثر إنسانية من بين جميع علومِ الإجتماعيات . و استعراضنا لتاريخ تطور علم الإنسان سيساعدنا كثيرا في ادراك مدى تكيفه مع كافة المجالات و الحقول البحثية .
يدعي علماء الإنسانيات أن عددا من المفكرين الوائل هم السباقون لإيجاد علم الإنسان و أن علم الإنسان متعدد المصادرو المشارب ، لكن يبقى من الأفضل تحديد رؤيتنا لنشأة علم الإنسان على أنه ثمرة عصر التنوير و النهضة ، العصر الذي بدأت فيه محاولة الأوروبيين لدراسة السلوك البشري بشكل نظامي يخضع لقواعد و أنظمة فقاموا بدراسة التقاليد و الشرائع، و التاريخ، و علم فقه اللغة وعلم الاجتماع .. في ذلك الوقت تطورت العلوم الإجتماعية بشكل عام و من بينها علم الإنسان . في نفس الوقت، أتت ردّة الفعل الرومانسية على التنويرِ التي أنجبَت بعض المفكّرين مثل هيردر ولاحقاً وليم ديلتي الذي أسسا مفهوم الثقافة الذي سيحتل موقعا مركزيا في علم الإنسان .

هذه العلوم بمجملها كانت تحاول أن تحل احدى أهم المعضلات التي تطرحها الحداثة : ففي حين أن العالم يصبح أصغر و أكثر ترابطا ، نجد ان خبرات الأفراد تتشظى و يصبحون أكثر فردية و انعزالية و هذا ما سجله مبكرا كلرل ماركس و فريدريك انجلز . و بدل أن يؤدي ذلك الترابط العالمي إلى مزيد من التضامن الإنساني كانت تزيد النزعات العرقية و الطائفية و الدينية من انقسام البشر و تمايزهم .

من الواضح أن علم الإنسان بدأت جذوره من التاريخ الطبيعي ، الذي كان يدرس طبيعة المجتمعات البشرية في المستعمرات الأوروبية ، فكان الباحثون يفتشون في جميع نواحي الحياة و الثقافة في هذه المستعمرات بالتوازي مع تغطية و تصنيف الممالك الحيوانية والنباتية في هذه المستعمرات ، و ربما كانت هذه النشأة هي ما يجعل الكثيرين يربط بين الأنثربولوجيا و الإستعمار و الإمبريالية باعتبار الأنثربولوجيا أداة استعمارية للتحكم بشعوب المناطق المحتلة . يمكن أن نسجل ان نشوء هذا العلم حدث بالترافق مع ميل في عصر التنوير في القرن الثامن عشر لدراسة المجتمعات البشرية كظاهرة طبيعية تعتمد على مباديء بسيطة بمثابة قوانين طبيعية تحكم نحركها و تغيراتها و يمكن رصد متغيراتها تجريبيا . فمن ضمن الدراسات التي كانت تتم في المستعمرات الأوروبية كانت تتم أيضا دراسة للمجتمعات البشرية و عاداتها و قيمها و نظامها الاجتماعي إضافة لدراسة المملكة الحيوانية و النباتية للمنطقة (الفاونا و الفلورا) ، لكن رغم هذا الارتباط الوثيق في النشأة مع الاستعمارية و النظرة الشوفينية الأوروبية إلا ان علم الإنسان تتطور لاحقا بشكل مستقل ليكون علما يحاول قدر الإمكان أن يكون تجريبيا مستقلا شأنه شان بقية العلوم مما أفرز لاحقا بعض علماء الإنسان الذين يتمتعون بتعاطف كبير مع الشعوب الفقيرة المستعمرة . علم الإنسان أيضا تطورت مناهجه بالترافق مع المناهج البحثية لبقية العلوم الإنسانية و يعتبر من أوائل العلوم التي طبق ضمنها كلود ليفي شتراوس مناهج البنيوية و من ثم ما بعد البنيوية و بالتالي ارتبط مع المدراس الفكرية الحداثية و ما بعد الخداثية .

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية